التحفيز الداخلي والتحفيز الخارجي


محاور المحتوى


تتمحور أمورنا الحياتية ما بين الحاجات والرغبات، حيث ان الحاجات هي الأمور التي تنبع من داخلنا دون أي تأثير خارجي، وهي عبارة عن قوة داخلية تدفع الفرد منا، لأن يقوم بعمل ما أو تصرف لإشباع تلك الحاجة الذاتية، وأما الرغبات فهي مشاعر منبعثة نسبياً من الذات، ولكنها تنتج بسبب تأثير خارجي، وتلك الحاجات والرغبات في مجملهما تجسدان مفاهيم المحفزات والدوافع الإنسانية.

حيث ان "التحفيز أو الدافع هو مفتاح الإنجاز في كل شيء، وهو للإنسان بمثابة الوقود بدونه يصعب إنجاز أي شيء في الحياة" ("التحفيز الداخلي والخارجي"، 2019)، وهناك نوعين رئيسين للتحفيز، ألا وهما: التحفيز الداخلي، والتحفيز الخارجي.

وللتوضيح سأتطرق هنا لأمثلة شخصية عن هذين النوعين، وأبدأ بالمثال على التحفيز الخارجي، ففي أثناء تصفحي المعتاد لمواقع الانترنت، وقعت مصادفة على إعلان لأحد المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أنه كان يتحدث عن المنح الدراسية المقدمة من إحدى الجامعات الأمريكية لطلبة البكالوريوس، وقد شدني هذا الإعلان، وحفزني على مواصلة الدراسة الجامعية، التي حرمت منها منذ سنوات بعيدة بسبب ظروف الحياة المختلفة، وقد رأيت بأن الفرصة أصبحت مواتية لتحقيق شهادة علمية تدعمني في الحصول على وظائف أفضل من الوظائف المتاحة لي حالياً، وما حفزني أكثر هو أن نظام الدراسة في تلك الجامعة تعد من الأنظمة الحديثة في مجال التعلم، ألا وهو النظام الإلكتروني، والذي سيمكنني من مواصلة التزاماتي الحياتية بشكل طبيعي، وأستفيد أيضاً من الوقت المهدور في الفراغ بالدراسة، واكتشاف المجتمع الجامعي المجهول نسبياً بالنسبة لي.

وبالمقابل سأوضح مثالاً آخراً عن التحفيز الداخلي، فبالرغم من تمكني وقدرتي وإجادتي العالية لمهارات الكتابة، والحصول على المعلومة التي أريدها، من خلال الاستفادة من مهارات البحث والاطلاع والقراءة، إلا وأن هذا الأمر أعده ناقصاً بالنسبة لي، بسبب إمكانياتي اللغوية المحدودة والمنحصرة في اللغة العربية فقط، لذا أشعر بالدافع والحماس والحاجة الشديدة لتعلم اللغات الأخرى، وذلك لتدعيم مهاراتي ورفع المستوى الثقافي الذي أمتلكه لأعلى درجات التمكن، وما حفزني في هذا الأمر هو تنوع الثقافات البشرية واختلافها من منطقة لأخرى، وشغفي الشديد للتعلم والاستفادة من كافة الوسائل المتوفرة من حولي، واكتشاف كل ما هو جديد ومثير.

وبناءً على المثالين السابقين، نجد بأن المحفزات الداخلية المتمثلة في اكتشاف كل ما هو جديد ومثير هي الأقوى، لأنها تقودني لتحقيق إنجازات عظيمة بفعل القوة الداخلية المدفوعة من قبل الذات، وتؤكد على ذلك (أبو السمح، 2013) إذ أنها ذكرت بأن الدوافع الداخلية تعد الأقوى تأثيراً وبقاءً في النفس، بحيث أن الدافع الداخلي يكون موجهاً عن طريق القوة الذاتية، تلك القوة التي تقود الفرد لتحقيق نتائج عظيمة، على عكس المحفزات الخارجية، والتي سرعان ما تزول بسبب تأثيرها المؤقت على النفس البشرية في حال ظهور البدائل مثلاً، أو انتهاء الاستفادة من الانتفاع منها.

إذن، بما ان الحوافز والدوافع مسؤولة عن كل سلوك أو فعل أو تصرف نقوم به، أستطيع أن أصف ما يحفزني للتعلم هنا في هذه الجامعة بأنها حوافز مختلطة، ما بين الحوافز الداخلية والخارجية، وكما ذكرت سابقاً، (بأني قد حرمت من الدراسة الجامعية منذ سنوات بعيدة بسبب ظروف الحياة المختلفة)، بالإضافة إلى (شغفي الشديد للتعلم والاستفادة من كافة الوسائل المتوفرة من حولي، واكتشاف كل ما هو جديد ومثير)، أجد بأن الحافزان هنا موجودان بنفس المعيار وهو الرغبة في التعلم والاستكشاف دون قيد أو شرط.

وختاماً، سأبعث رسالة شخصية أوجهها من الذات إلى الذات، وأقول: مع كل إشراقة يوم جديد، نحيا بإحساس جديد، فما مضى ماضي لا يمكن يعود، فلماذا الزعل والضيقة، ولماذا البكاء والألم، ولماذا الحزن والتحسر، ولماذا الضعف والتقوقع، ونحن بأيدينا أن نكون، مثل شمس العطاء في هذا الكون، لا تتلفت للخلف، ما دام الأمل في داخلنا موثوق، يجري في دمائنا والعروق، بربٍ واحدٍ قادر على تقدير أمرنا بالخير، ومهما يطول علينا الليل، فمن المؤكد غداً ستشرق الشمس!!



__________________________

المراجع:

أبو السمح، سارة. (15، يناير 2013). الدوافع. موقع برنامج الأمان الأسري الوطني. تم الاسترجاع من الرابط إضغط هنا
"التحفيز الداخلي والخارجي". (2019، نوفمبر13). موقع طور نفسك. تم الاسترجاع من الرابط إضغط هنا

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

من نحن

الكثيري إنفو - موقع شخصي مبني من خلال منصة بلوجر للكاتب الإعلامي والشاعر خالد الكثيري

عدد زيارات الموقع