تعريف إدارة الخطر
إدارة الخطر هي عبارة عن "نظام إداري يتضمن مجموعة من الإجراءات لمواجهة الأخطار التي يتعرض لها الشخص الطبيعي أو الاعتباري"، وهذه الإجراءات تتم بغرض منع أو تقليل احتمال وقوع الخسائر المالية المتوقعة من الأخطار وتخفيف وطأتها، وذلك عن طريق (اكتشاف الأخطار وتحليلها وقياسها وتحديد أنسب الوسائل لمجابهتها وبأقل التكاليف الممكنة مع مراعاة التكلفة والعائد).
مراحل إدارة الخطر
ومن خلال التعريف، تتحدد مراحل عملية إدارة الخطر الوظائف الرئيسية لمدير الخطر، وهي تتمثل في العمليات التالية:
- اكتشاف الخطر: إن الوظيفة الأولى من وظائف إدارة الأخطار هي تحديد الأخطار التي يتعرض لها الشخص بنوعيه حتى يمكن التعامل معها وطرق اكتشاف الأخطار عديدة ومتنوعة منا الاعتماد على القوائم المالية الخاصة بالمنشأة أو الاعتماد على خبرة شركات التأمين في تحديد الأخطار.
- تحليل وقياس الخطر: يقصد بتحليل الأخطار تحديد مسببات الأخطار الأساسية والمساعدة، ثم تحديد الخسائر المباشرة وغير المباشرة وأيضا تحديد الوسائل المستخدمة في الوقت الحالي لمواجهة هذه الأخطار، أما قياس الخطر فيتم فيه تحديد قيمة الخطر سواء باعتبارها أقصى خسارة مادية محتملة أو باعتباره إجمالي الخسارة المتوقعة، ويتم ذلك بقياس العنصرين الأساسيين في تقدير قيمة الخسارة، وهما: احتمال تحقق الخطر، وحجم الخسارة المتوقعة المترتبة على تحقق الخطر.
- تحديد السياسة المناسبة للتعامل مع الخطر: اختيار أنسب وسيلة للتعامل مع الأخطار التي قد يتعرض لها الفرد أو المشروع حسب تقدير الخسارة المتوقعة ودرجات الأمان والتكلفة اللازمة.
- متابعة تنفيذ سياسات إدارة الخطر وتعديلها كلما لزم الأمر.
سياسات إدارة الخطر
يقصد بسياسات إدارة الخطر (Risk Management Policies) "الطرق الرئيسية للتفاعل مع وجود الخطر"، وتتمثل في تلك الإجراءات التي تهدف إلى التوصل لوسائل معينة يكون لها القدرة على التحكم في الخطر والحد من تكرار وقوعه أو التقليل من حجم الخسائر الناجمة عنه، ويتولى إعداد هذه السياسات ومتابعة تنفيذها إدارة متخصصة تسمى إدارة الخطر مهمتها (الاكتشاف المسبق للأخطار المختلفة، وتحليلها وقياس درجة الخطورة الناشئة عنها، والبحث عن أنسب الوسائل الملائمة لمواجهتها)، ويمكن حصر سياسات إدارة الخطر في ثلاث سياسات رئيسية، هي:
- سياسة تحمل الخطر (التأمين الذاتي): لهذه السياسة أسماء عدة، حيث يطلق عليها أيضاً "التأمين الذاتي" أو "سياسة الاحتفاظ بالخطر" أو "سياسة افتراض الخطر"، وتفترض هذه السياسة أنه في حالة وقوع الخطر يعتمد الشخص المعرض للخطر على نفسه في مواجهة آثار الخطر دون تأثير في أي عنصر من عناصره، وتتبع هذه السياسة في حالة الأخطار التي تنشأ عنها خسائر صغيرة بالإضافة إلى توافر القدرة على تحملها، ويمكن اتباع هذه السياسة بطريقتين فرعيتين هما:
- تحمل الخطر بدون تخطيط سابق: وتستخدم هذه الطريقة في حالة إذا كانت الخسائر المتوقعة صغيرة وغير متكررة، ويشترط لتطبيقها توافر إيراد جاري كافٍ لتغطية الخسائر الناتجة عن تحقق الأخطار.
- تحمل الخطر مع وجود تخطيط سابق: وتستخدم هذه الطريقة في حالة إذا كانت الخسائر المتوقعة نتيجة لتحقيق الأخطار صغيرة ومتكررة بشكل يمكِّن من حساب قيمتها مقدما وبدقة، وتعتمد هذه الطريقة على تكوين احتياطي يعتبر بمثابة مخصص للخسارة المتوقعة، وهذا الاحتياطي قد يكون عارضاً لمجابهة عدة أخطار معاً إذا كان تحقق مسبباتها يتم بشكل يصعب معه فصلها عن بعضها، وقد يكون لمجابهة خطر معين يسهل تحديده وتقدير الخسارة الناتجة عنه، مثل: مخصص الديون المشكوك في تحصيلها ومخصص الإهلاك.
- سياسة التحكم في الخطر (الوقاية والمنع من الخطر): يطلق عليها أحيانا سياسة "تخفيض الخطر أو الوقاية والمنع من الخطر"، ويقصد بهذه السياسة اتخاذ جميع الوسائل الممكنة لمنع أو تقليل احتمال وقوع الخطر والحد من الخسائر الناشئة عنه، وذلك باستخدام الأساليب والوسائل العلمية التي تحقق هذا الهدف، ومن أمثلة الوسائل التي يمكن استخدامها لتقليل فرص تحقق الخطر: (مانعات الصواعق، والرشاشات التلقائية، وأجهزة إطفاء الحريق، والتطعيم ضد الأمراض، وتنظيم المرور، وتحسين الطرق)، وغالبا ما يتم اتباع هذه السياسة مع سياسات أخرى كسياسة تحمل الخطر، وهنا عدة إجراءات مساعدة على التحكم في الخطر، أو سياسات في بعض كتابات التأمين تساعد على منع أو تقليل احتمال وقوع الخطر والحد من الخسائر الناشئة عنه، وهي:
- تجزئة وتنويع الخطر (Risk diversification): يقصد بها أن يتم تجزئة الشيء المعرض للخطر بشكل يضمن عدم تعرض جميع أجزائه في وقت واحد لتحقق مسبب الخطر، بمعنى زيادة انتشار وحدات الخطر ماليا وجغرافيا، ويستلزم ذلك توفر موارد مالية تمكن من تجزئة الشيء المعرض للخطر مالياً أو جغرافيا مع افتراض القدرة على تحمل التكاليف المرتبطة بذلك.
- تجميع الأخطار (Risk pooling): يقصد به أن يتم تجميع وحدات الخطر المتشابهة أو المتجانسة فيما بينها والمعرضة لنفس الخطر في نظام محدد يضمن أن يتم توزيع عبء الخسائر التي قد تحدث لبعض هذه الوحدات على جميع الوحدات المشمولة في هذا النظام، ويؤدي تجميع الأخطار إلى تحقيق قانون الأعداد الكبيرة مما يزيد القدرة على التنبؤ الدقيق بقيمة الخسارة المحتملة، ويعتبر تجميع الأخطار من الآليات التي يقوم عليها عمل التأمين، وهو كذلك أساس بداية ظهور التأمين التعاوني.
- سياسة نقل أو تحويل الخطر: يقصد بهذه السياسة تحويل عبء الخطر من صاحبه إلى شخص آخر لديه القدرة والرغبة على تحمله مقابل تكلفة محددة، وينظّم هذا التحويل عادة بواسطة عقد يحدد حقوق التزامات كل طرف، ومن أمثلة العقود التي بواسطتها تحويل الخطر: (عقد التأمين وعقود النقل والإيجار والتشييد)، ويرى البعض أن التأمين هو سياسة مستقلة لإدارة الخطر نظرا لطبيعة عقد التأمين التي تميزه عن غيره من العقود، ويتم اتباع هذه السياسة لإدارة الخطر في حالة عدم إمكانية تطبيق السياسات السابقة أو قد يتم اتباعها جنبا إلى جنب مع بعض السياسات، وتتبع هذه السياسة غالبا لمواجهة الأخطار الاقتصادية (الأخطار البحتة وأخطار المضاربة).
والجدير بالذكر أن بعض الكتّاب يرون أنه بالإضافة إلى السياسات الثلاثة الرئيسية السابقة، توجد سياسة رابعة لإدارة الخطر تتمثل فيما يطلق عليه: سياسة تجنب الخطر" (risk avoidance)، ووفقاً لهذه السياسة، يتخذ الشخص أو الجهة المعرضة للخطر قرارً سلبياً بإيقاف النشاط الذي يؤدي إلى تحقق مسبب الخطر كلياً، وبمعنى آخر عدم اتخاذ القرار الذي يؤدي وجود الخطر، مثل (عدم السفر بالسيارة لتجنب خطر التصادم)، والأرجح أن تجنب الخطر هو سياسة للتعامل مع وجود الخطر وليس إدارته وعلى هذا الأساس يمكن أن يطلق على هذه السياسة مجازاً سياسة عدم إدارة الخطر.
درجة الخطورة
يعتبر تحديد "درجة الخطورة" من الأمور الهامة التي تساعد على اختيار السياسة المثلى للتعامل مع الخطر، وعند تقييم الخطر يتم النظر إلى كل من:
- معدل تكرار الخسارة (عدد المرات التي تقع فيها الحوادث).
- مدى خطورتها (أي حجم الخسارة في حال وقوعها).
وتقبل شركات التأمين الأخطار التي:
- تكون معدلات تكرارها عالية، ولكن قيمة خسائرها منخفضة (كثيرة التكرار قليل الخطورة): وهي الأخطار التي تقع مسبباتها بصفة متكررة، ولكن على المستوى الفردي، وهي ليست مكلفة من الناحية المالية، فمعظم حوادث السيارات والسرقات وحرائق المنازل تندرج كلها تحت هذه الفئة من الأخطار.
- تكون معدلات تكرارها منخفضة، ولكن قيمة خسائرها كبيرة (قليلة التكرار كثيرة الخطورة): وهي الأخطار التي لا تقع مسبباتها بصفة متكررة، ولكنها إذا وقعت تؤدي إلى خسائر مالية ضخمة، فالكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير والعواصف الاستوائية والحرائق البتروكيميائية ومثيلاتها تندرج كلها تحت هذه الفئة من الأخطار.
السياسة المناسبة لإدارة الخطر
لا توجد سياسة واحدة بعينها تصلح للتطبيق في جميع الحالات، بل يمكن تطبيق أكثر من سياسة معاً في نفس الوقت وفقاً لطبيعة هذا الموقع، وقد اتفق كثير من كتّاب التأمين على تحديد السياسة المثلى للتعامل مع الخطر على النحو التالي:
إرسال تعليق